سلط تقرير اليونسكو العالمي الرابع بشأن تعلم الكبار وتعليمهم الضوء على التقدم الذي أحرزه لبنان على صعيد تحسين الانتفاع بفرص تعلم الكبار وتعليمهم. وينوّه التقرير بتقديم لبنان الرعاية لملايين اللاجئين الذين يعيش معظمهم في المخيمات، ويشير إلى أن البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل تستضيف 89٪ من اللاجئين إجمالاً.
ويشير التقرير إلى أن معالجة مسألة هجرة اليد العاملة والنازحين تستدعي الأخذ بنهج شامل ومنسّق يعزز الاتساق بين العمالة والتعليم والتدريب والسياسات الخاصة بالهجرة.
ونظراً إلى الخشية من أن يفقد العديد من اللاجئين الذين يعيشون في المخيمات مهارات القراءة والكتابة، استهلت وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان برنامجاً وطنياً لمرحلة ما بعد محو الأمية للكبار في مراكز الخدمات الاجتماعية في برج حمود، الذي يعد من المناطق الأعلى كثافة سكانية في لبنان. ويستهدف البرنامج النساء والفتيات اللواتي اكتسبن مهارات القراءة والكتابة حديثاً بغية مساعدتهن في الحفاظ على هذه المهارات وتفادي الانتكاس نحو الأمية. وقد بيّنت التجارب أهمية مرحلة ما بعد محو الأمية في تحسين الظروف المعيشية للأشخاص الذين اكتسبوا مهارات القراءة والكتابة حديثاً. وتقدِّم هذه المراكز تشكيلة واسعة من البرامج والحلقات الدراسية والأنشطة في مجالات الصحة والتغذية والطهي. كذلك أقامت مؤسسة إنسان، وهي منظمة غير حكومية، برامج لمحو الأمية وتعليم الكبار في الفترة 2017-2018، من أجل تعزيز مهارات القراءة والكتابة لدى اللاجئين السوريين وكذلك لدى اللبنانيين من كلا الجنسين. وقدمت المؤسسة أيضاً تدريباً تمهيدياً للتأهيل المهني للمجموعة المستهدفة ذاتها بغية تزويد المشاركين بمهارات استخدام الحاسوب واللغة الإنجليزية والمهارات الحياتية. ومكّن هذا التدريب المشاركين من دخول سوق العمل وزوّد اللاجئين السوريين بالكفاءات اللازمة لإعادة بناء مجتمعاتهم بصفة عامة، ومجتمعاتهم المحلية، عندما يعودون إلى ديارهم.
ويظهر من التقرير استمرار أوجه التفاوت العميقة في المشاركة في برامج تعلم الكبار وتعليمهم، واستبعاد العديد من الفئات المستضعفة منها، وعدم اهتمام راسمي السياسات بهذه الفئات. ويمثل المهاجرون واللاجئون، وكبار السن، والكبار ذوو الإعاقة، والأشخاص الذين يعيشون في المناطق الريفية، والكبار ذوو التحصيل العلمي المنخفض، فئات من الأكثر تعرضاً للعقبات التي تحول دون المشاركة في برامج تعلم الكبار وتعليمهم.
ويعد تعليم الكبار أمراً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي. بيد أن نسبة الكبار البالغة أعمارهم خمس عشرة سنة وما فوق الذين يشاركون في برامج التعليم والتعلم لا تتجاوز 5٪ في زهاء ثلث البلدان. وغالباً ما تتعرض الفئات المحرومة بوجه خاص للحرمان من الحق في التعليم أيضاً. ويشير التقرير إلى أن الكبار ذوي الإعاقة، وكبار السن، واللاجئين والمهاجرين، والأقليات، هم من بين الفئات التي لا تمارس هذا الحق.
وينبّه التقرير العالمي بشأن تعلّم الكبار وتعليمهم بوجه عام إلى ضرورة إحداث تغير كبير على صعيد المشاركة في برامج تعليم الكبار من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
ويدعو التقرير إلى اعتماد نهج مختلف جوهرياً، ودعمه بالاستثمار الكافي، لضمان حصول الجميع على فرصة الانتفاع بتعلم الكبار وتعليمهم والاستفادة منهما، والإسهام على أكمل وجه في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وتستند النتائج التي توصل إليها التقرير العالمي إلى البيانات التي قدمها 159 بلداً.
ويقدم التقرير العالمي بشأن تعلّم الكبار وتعليمهم ست توصيات لتحقيق هدف التنمية المستدامة 4 وسائر أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وتتمثل هذ التوصيات فيما يلي:
- تحسين البيانات، ولا سيما فيما يخص البلدان المنخفضة الدخل والفئات المهمشة أو المستضعفة، مثل المهاجرين واللاجئين؛
- زيادة استثمار الحكومات وأرباب العمل والأفراد في مجال تعلم الكبار وتعليمهم؛
- وفاء البلدان المانحة بالتزاماتها بمساعدة البلدان النامية وإعادة التوازن على صعيد التمويل الذي تخصصه للتعليم لدعم تعليم الكبار والأطفال؛
- إجراء مزيد من البحوث بشأن الممارسات الجيدة، ولا سيما فيما يتعلق بالفئات المستضعفة والمستبعدة؛
- الاعتراف بالفوائد الاجتماعية والمدنية والاقتصادية للاستثمار في مجال تعلم الكبار وتعليمهم؛
- الأخذ بنهج إدارة متكامل ومشترك بين القطاعات وبين الوزارات لتمكين الدول الأعضاء من تحقيق أكبر قدر ممكن من الفوائد الناجمة عن تعليم الكبار، مع تخصيص الموارد وفقاً لذلك.