كتابة تيا البارود
إن كان لـ “الثّمن” مقداراً في المتعة فقد زاد عليه ثمن الإتقان المكتسب من فِكر فنّي خالص واجتهاد لامحدود، وأقصد هنا سارة أبي كنعان، ترسم خطّان متقاطعان بين إدراكها وفهمها للشخصية ومشاعرها المنقولة للمُشاهِد وإيقاع كلامها وتحرّكاتها، ومع هذا التقاطع تُبهِج العمل وتهِبه الحيويّة.
تقتنِص سارة في مسلسل “الثمن” من رماد الغيم لتهيئة “تيما”، فتُخاطِب الوهم بصفاوتها، فإلى أي مدى يصبر الطيب؟ وهل يدفع البياض ثمن نقاوته؟ أسئلة تعيد طرحها مع كل حلقة من دون كلام.
جعلت من الصّمت موسيقى الوحدة الروحيّة، حتى بدت السماء بوسعها تصغر ألمها!
تُجيد سارة لغة السكون فتتفوّق بلاغيّا، فحين تركت “تيما” نفسها طواعيها أمام سيل من الصور لاتستطيع منع نفسها من متابعتها أو صدِّها كشفت لنا لحظات ضعفها، تعزِل مقامات الحزن من الفرح لكل مقام مسار، تلك معاناة استجابة ومناداة.
في بضع دقائق كانت سارة أبي كنعان نموذجاً للوصول لقمّة أسلوب التمثيل بين المدرستين الكلاسيكيّة والحديثة.
عازفة منفردة بحجم أوركسترا.