نظمت كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة بيروت العربية ندوة علمية بعنوان” الأحوال الشخصية بين قدسية النص ومشروعية الاجتهاد ” شارك فيها كل من : رئيس المحاكم الشرعية السنية الشيخ الدكتور القاضي محمد عساف ، رئيس المحاكم الشرعية الجعفرية الشيخ القاضي محمد كنعان، رئيس المحاكم المذهبية الدرزية الشيخ القاضي فيصل نصر الدين ، رئيس جامعة طرابلس الأستاذ الدكتور رأفت ميقاتي ، أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة بيروت العربية الشيخ الدكتور وفيق محمد حجازي ، وعميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة الأستاذ الدكتور محمد حسن قاسم.
افتتح الندوة عميد الكلية مؤكداً على أهمية الأحوال الشخصية، ورعاية الشريعة الإسلامية للأسرة، وذلك من خلال التشريعات والنصوص القطعية اليقينية، وترك مجال الاجتهاد لذوي الاختصاص في المسائل التي تتغير الأحكام فيها بتغير الأحوال والأعراف والمصالح، وهي المسائل التي لا نص فيها، لهذا يجب علينا أن نعمل الاجتهاد، وهذه دعوة صريحة للاجتهاد.
ثم تكلم رئيس المحاكم الشرعية السنية الشيخ الدكتور القاضي محمد عساف، فأشار إلى أن الشريعة الإسلامية أجازت للقاضي أن يجتهد في بعض المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية، خاصة في الأمور التي لا نص فيها ، كتقدير النفقة ،وتحديد سن الحضانة ، والمشاهدة ، وكذلك للقاضي سلطة تقديرية في بعض المسائل القانونية المتعلقة بأصول المحاكمات، والتي يعود تقديرها للقاضي ، كمنع السفر ، واتخاذ تدابير مستعجلة واحترازية، وتكلم كذلك عن مسالة زواج القاصرات ، وأبان الموقف الشرعي منها ، ورد على ما يثار في الآونة الأخيرة بشأن تزويج القاصرات وتجريمه ، وبالمقابل وكأنه سماح للفتاة القاصر بالسير في الاتجاه الخطأ ، وأكد أنه لا مانع في الإسلام من تزويج الفتاة ما دامت قادرة على الزواج ، وبالتالي مصطلح زواج القاصرات ليس إسلاميا .
كما وأشار رئيس المحاكم الشرعية الجعفرية الشيخ القاضي محمد كنعان ، إلى أن الدستور اللبناني كفل في مادته التاسعة منه حرية الاعتقاد ، وأنها مطلقة ، والدولة تحترم جميع الأديان والمذاهب ، وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها ، على ألا يكون في ذلك إخلال بالنظام العام ، وهي تضمن للآهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية، وهذه المادة هي بنيوية كيانية للنظام اللبناني ، وبالتالي لا يقبل أن نستورد في أحوالنا الشخصية ، ما يفد من الغرب ، لان الزبد يذهب جفاء، ولكن ما ينفع الناس يمكث في الأرض .
واعتبر رئيس المحاكم المذهبية الدرزية الشيخ فيصل نصر الدين ، أن القضاء الشرعي الإسلامي بأجنحته السنية والجعفرية والدرزية يشكل جزءا من تنظيمات الدولة القضائية اللبنانية وأشار إلى مسائل اجتهادات في المحاكم المذهبية الدرزية، كمسألة الوصية لوارث دون تحديد المقدار والقرابة ، وكذلك في مسألة الحضانة وأنها للصبي اثنا عشرة سنة وللفتاة أربع عشرة سنة ، وكذلك في مسألة الطلاق والميراث ، وختم بأن تكون لدى القاضي الجرأة في الاجتهاد في المواضيع القابلة للاجتهاد، تعزيزا للقضاء الشرعي ليصبح ملائما لتطور العصر والمجتمع ، وليغلق أبواب الدعوة لإلغاء القضاء والمحاكم الشرعية.
أما رئيس جامعة طرابلس الأستاذ الدكتور رأفت ميقاتي، فقد تكلم عن الاجتهاد المعتبر وأنه لا يقبل لأي أحد أن يخوض غمار الاجتهاد، وأن الدستور اللبناني في مادته التاسعة أشار إلى استقلالية الشأن الديني للطوائف وأحوالها الشخصية، وهذا أمر دستوري رصين، ثم أوضح أن ما تشيعه جمعيات وتنظيمات معروفة الانتماء والخلفيات لن تؤثر على أحوالنا الشخصية وخاصة عندما يتكلم عن مشروع الزواج المدني ومخالفاته الصريحة للشريعة الإسلامية لأن الاجتهاد له ضوابط وأصول ومنطلقات .
واختتم أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة بيروت العربية الشيخ الدكتور وفيق محمد حجازي الندوة بكلمة مفادها أن الأحوال الشخصية وباعتبار أنها مجموعة ما يتميز به الإنسان من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب عليها القانون أثراً قانونياً في حياته الاجتماعية، قد بُنيت معظم أحكامها على النصوص، بين آيات قرآنيه تنيف على السبعين ،وأحاديث نبوية تزيد على المائتين.