كتابة تيا البارود
لا تزال مسؤوليّة عائشة بن أحمد اتّجاه أدوارها عنوانا لتوهّج الشخصيّات التي تقدّمها، لامعة تجذب انتباه المُشاهِد لتمعُّن مشاهدها لأنها تُتقن فن الإغتناء بكل شخصيّة بخوضها في تفاصيلها بشروطها الخاصة في الأداء الخامي للتّماسك والإيجاز، القدرة على التشكيل الحذِر للبصيرة هو مكيال عائشة لشخصية “مريم”.
براءة “مريم” تبيَّنت خلال تمرُّدها على الفساد من كل طرف فحطّت على أول صفة لها وهي النزاهة التي تقودها في نفق معتم لا تدري أين نهايته ولا أي لدغة ستحل من أين في محاولة منها لمحاورة المجهول عنها واقتحامها الجريء له لمعرفة خفاياه فتخاطبه بحدّة وترهب من إجابته خوفا من الشعور بالخذلان.
يقِظة بتوتُّر وقلقة بهدوء، تناقضات “مريم” المُغيّبة عن الحق والحقيقة تسعى لإثبات حضورها بالعدالة، صاحبة الشأن الشخصي العلني والعزّة الذاتيّة التي تمنعها من اتّخاذ مسار عائلتها الأسهل والمُتاح فتختار التعسير للوصول إلى غايتها اليقينيّة، فيتدفّق يقينها كمادة الكافيين يُنعش ويسري في عروق الضمير، تماما كاستحواذ الأداء الوجداني على الشخصيّة فاتّكأت على أحاسيسها فلا تضطر للحديث للبوح بأحاسيستها، مُتئكة على ردة الفعل المباشرة.
لم تعتمد عائشة على أسلوب التبسيط في التعبير عن حالات “مريم”، ففي مشاهد النيابة اعتمدت على اللغة الجسدية والإشارات البصريّة والسمعيّة ترميزا على حساسيّة وضع “مريم”المهتزّ الغير مستقرّ نفسيا وفكريّا باستمرار تردُّدها المختصر بعينيها اللتين أتقنتا الرهبة ويدها التي تحاول ضبط أنفاسها، وركّزت على القصد المسؤول في مواجهات “مريم”.