متابعة:هدى الأسير
لطالما كان مهرجان القاهرة السينمائي الدولي المحطة الأبرز في شهر نوفمبر من كل عام – وعلى امتداد اعوام، كان لنا معه محطات مختلفة، تعاقبت على رئاسته فيها اسماء ووجوه كثيرة، كان لكل منها رؤية خاصة وادارة مختلفة لمهرجان يبتاهى العرب بعراقته وسمعته وفعالياته، رغم فترات التراجع التي شهدها قبل سنوات، لأسباب كثيرة، إلا أنه استطاع استعادة ألقه وبريقه في العامين الاخيرين بشكل ملحوظ..وأحداً لا يمكنه أن ينكر بأن ادارة السيناريست والمنتج محمد حفظي وفريق عمله أعطت زخماً للمهرجان الذي حقق قفزة نوعية لافتة بعد سنواته العجاف.
على مدار عشرة أيام، شهد المهرجان حركة ناشطة وفعاليات مميزة في دورته الـ 41، التي استضافت 650 ضيفاً من مختلف انحاء العالم، حرص نحو 150منهم على الحضور على نفقته الخاصة، بالاضافة لتوافد ما يقرب من 40 ألف من جمهور السينما لمشاهدة اكثر من 150 فيلماً ل 63 دولة مشاركة في دورة احتفت بالسينما المكسيكية وأهديت في لفتة وفاء لمدير المهرجان الفني الراحل يوسف شريف رزق الله، وقد تم عمل لهذه الغاية فيلماً عنه تسجيلياً بعنوان: ” رزق السينما “. تحدث فيه 25 سينمائياً عن علاقتهم بالراحل. وتم عرضه في ليلة احتفائية خاصة بحضور وزيرة الثقافة المصرية.
عن التطور الملحوظ الذي شهده المهرجان في الفترة الاخيرة، قال مدير المهرجان محمد حفظي خلال لقائنا به : لقد بذلنا جهوداً كبيرة في العامين الأخيرين، واستطعنا كسب الرهان والتحدي والثقة، وهذا العام انتقلنا بإدارة المهرجان الى شكل معاصر في الادارة والتواصل والتسويق وشكل المهرجان نفسه ليكون مؤثراً بشكل أكبر ولهذه الغاية استعنا بخبرات من القطاع الخاص لخلق هيكل اداري للتنسيق بين جميع ادارات وقنوات المهرجان، بالاضافة لتغيير نظام البرمجة للحصول على أهم الافلام.
ورداً على سؤال حول إقناع ( نيتفليكس)العالميه السماح بمشاركة فيلم من افلامها قبل توقيت عرضه العالمي بأسبوع قال: هذا تحدي البرمجة، فنحن كمبرمجون، كان علينا انتظار دائما، عرض الأفلام في مهرجان كان أو غيره لنطلبها بعذ ذلك، وفي ظل المنافسة الشديدة في المهرجانات العربية، فضلنا عدم الإنتظار ، واستباق الأمر هذا العام، ولهذه الغاية قمت بجولة اميركية في شهر يوليو الفائت زرت خلالها نحو 35 شركة توزيع ووكالات فنانين واستديوهات واستطعت النجاح في المهمة.
وفي الحديث عن المهرجانات العربية وتوقف مهرجان دبي السينمائي قال: كان لهذا المهرجان تأثير ايجابي كبير على السينما العربية، وكان بإمكانه الاستمرار بنجاح مشهود له، ولا اعرف لماذا أصدر قرار ايقافه.
اضاف: مهرجان القاهرة يحاول سد الفراغ الذي تركه.
وعن استضافة المهرجان نجوماً بارزين خلال الفترات السابقة واستضافة خبراء فنيين في الاخراج والتصوير هذه الفترة قال: لا شك بأن وجود النجوم مهم جدا، ولكن الأهم حضورهم بمشاركة فعالة .
وعن ابرز الصعوبات التي واجهها المهرجان في دورته الـ 41 قال:
أبرزها كانت في جزء منها مالية، لتوفير تمويل اضافي الى جانب الميزانية المرصودة من قبل وزارة الثقافة والتي تشكل نسبة 40 بالمية من الميزانية المطلوبة وكان علينا السعي لتوفير ال 60 بالمئة الباقية.
وأشار في معرض حديثه عن هذه الناحية الى ان الدعم المادي وحده ليس العامل الوحيد لإنجاح المهرجان، ما لم يقترن بإدارة وتنظيم محترف، واختيار اعمال جيدة لنصل الى مبتغانا في النجاح.
هذا ما جاء على لسان مدير المهرجان محمد حفظي خلال لقاء مع الضيوف الاعلاميين على هامش المهرجان الذي حفل بنشاطات كثيرة ، منها القديم ومنها الجديد، فقد شهدت هذه الدورة توسعاً في مسابقة آفاق السينما العربية، حيث تم عرض 12 فيلماً بدلاً من ثمانية افلام، وتم اضافة جائزتين جديدتين ليصل اجمالي الجوائز التي تقدمها المسابقة لأربعة.
وبعدما كان يقتصر حضور نجوم السينما المصرية على حفلي الافتتاح والختام، كان لافتاً حضورهم بشكل يومي على سجادة المهرجان لمشاهدة مجموعة من ابرز الافلام المشاركة.
كان شهد المهرجان هذا العام اطلاق مبادرة نجوم الغد العرب، بالاشتراك مع سكرين انترناشيونال وتم اختياره مواهب من مصر، تونس، المغرب، السعودية، وفلسطين). قامت المجلة بتقديمهم للعالم من خلال تقرير صحفي مفصل في احد اعدادها.
وبمبادرة خاصة احتفى المهرجان بالصحوة التي تشهدها السينما السودانية بعد 30 عاماً من غياب السينما في السودان، وكرم نخبة من السينمائيين العرب والاجانب، مثل مدير التصوير الايطالي العالمي فيتوريو ستورارو، المخرجة والممثاة اللبنانية ندين لبكي، لتكون رابع مكرمي المهرجان بجائزة فاتن حمامة الى جانب تيري جيليام، شريف عرفة ومنة شلبي.
وكذلك أطلق المهرجان مسابقة ( أي ريد أوارد ) الخاصة باكتشاف المواهب في كتابة السيناريو والقصة القصيرة بالتعاون مع مبادرة ( آي ريد ) التي قدمت جوائز بقيمة 100 ألف جنيه.
كما اعلن عن توقيعه ميثاق للمساواة بين النساء والرجال في الفعاليات السينمائية بحلول 2020 والمعروف باسم 5050 في 2020 ليكون المهرجان الأول عربياً، والثاني افريقياً الذي يُعلن التزامه ببنود الوثيقة التي اطلقتها حركة 5050 في 2020 وكان أول الموقعين عليها مهرجان كان السينمائي عام 2018.
وفي مبادرة بيئية هامة شارك المهرجان بإعادة تدوير 15 ألف كيس بلاستيك من خلال حقيبة المهرجان الرسمية التي تم تصميمها من خلال مشروع ( آب – فيوز ) الذي يستهدف نشر الوعي البيئي بصناعة حقائب من مخلفات يعاد تدويرها لحماية البيئة.
عشرة أيام شهدت فيها العاصمة المصرية حركة فنية ناشطة، من بينها 13 عرض سجادة حمراء بحضور صناع الافلام والنجوم، و 72 ندوة للأفلام و25 ورشة ومحاضرة نقاشية في ” أيام القاهرة ” ولقاءات سينمائية واعلامية بين 600 ضيفاً حملوا معهم ذخراً فنياً سينمائياً، وانطباعات جميلة عن مهرجان عربي دولي، ربما يكون مر على غفلة منه في كبوة قسرية، ولكنه استطاع العودة الى الحياة بمفتاح سحري فرعوني يؤكد على أصالة الفن السابع ومواكبته التطور العصري.
