كتابة تيا البارود
مثلّث فنّي متكامل شكّلته النّجمة نيللي كريم بمختلف الأنماط التمثيليّة و أغرقته بالموهبة الفريدة بدأت بتميّزها في الدراما و التراجيديا بنكهة النكد المحبّبة بأعمال و شخصيّات تربّعت في قلوب المشاهدين و خيّمت في ذاكرتهم و لم تكتفي بحصر قوّة و توسّع امكانيّاتها لصالح الأعمال الدراميّة فقط فأطلقت عنان الجانب الكوميدي من شخصيّتها عبر آخر شخصيّاتها “سكر” في مسلسل بمية وش و برعت في الكوميديا حتى أصبحت مُطالبة من قِبل الجمهور بأعمال أكثر من هذا النوع، و بتجربة جديدة و مختلفة دخلت نيللي عتبة الرعب في فيلم “خط دم” بخطوة صحيحة و مدروسة.
تبدو صناعة عمل ينتمي لنوع الرعب فكرة صعبة في عالمنا العربي لكن مع وجود نجمين يحملان معايير الأداء الدقيق و المتمكّن مثل نيللي كريم و ظافر العابدين استطاعا الغوص بهذه التجربة بذكاء لعالم غريب يحكي عن حياة مصاصين الدماء.
عبر شخصيّة لمياء في فيلم “خط دم” جسّدت نيللي كريم الأم المثاليّة بجميع مواصفاتها فتسعى لارجاع ولدها على قيد الحياة بعد فقدان الأمل بطريقة ملتوية و غير عادية بتغيير دم ابنها إلى مصاص دماء لكن كل تركيزها كان مصبوب على عودته للحياة بعد الحادث الذي ودّى به إلى الكوما فتبقى تردّد تاريخ حدوث الحادث و تعدّه بالأيام، و لأنها ربطت حياتها بحياة ولديها التوأم فجمعت بين غريزة البقاء مع غريزة الأمومة في وقت واحد و مع سير الأحداث تجد الشخصيّة مستعدّة لتقديم شتّى التضحيات و المخاطرات لحماية ولديها و عائلتها فتتغيّر معاملتها مع من حولها و تتحوّل للعزلة في بيتها و تضع سدّا بينها و بين جيرانها.
و في نفس الوقت رسمت الشخصيّة إحاطة لها من جوانب عديدة و إحداها حماية نفسها من عظم التحول كبقيّة أفراد العائيلة لأجلهم كي تلبّيهم و تكون سند لهم إلى أن وصلت لنقطة التضحية الكبيرة و سمحت لتوأميها مصاصين الدماء بسحب دمها و تحويلها مثيلة لهم حتى تبقى ملازمة لهم في كل الأوقات خوفا عليهم و لعدم الاحساس بالإختلاف من قِبل أي طرف.
طوال الفيلم تعيش لمياء حالة من التوتر و القلق مع خليط من المشاعر نقلتهم نيللي بدقّة و مرونة في تغيير الإيماءات و الملامح و تلقائيّة و سيولة ردّات و التعابير الملائمة للحالة فخلال ساعة و نصف استطاعت نقلنا لتفاصيل حياة لمياء بكامل شقائها و خوفها و أمومتها بالشعور الكامل أنهم أولادها حقا، كما اعتدمت طريقة كلام تفسّر حالات الشخصيّة المصطدمة مع رزانة تحرّكات موزونة، و كانت كالضلع الذي لا يميل و لا ينحني و يبقى صامدا و سندا إلا عند الاقتراب من عائلته و هي أغلى ما يملك.
