نحن الصرخة والصخرة، وهو المصلح والصالح. الصالح أمام مسيحيّته والقدوة لمسيحيّيه وأمام وطنه أجمع.
بقلم هبه حنين /بيروت
وتوالت الأيام… وكُتِب التاريخ… مصلح بين الدروز والمسيحيين، واضع حجر الأساس لما هُدِم من سنين، وراسم نهاية ما سُفِك من دم أبرياء بيننا. لم يترك وراءه سوى الرؤية الصالحة والعلاقات الطيبة لبني الجبل وأهله. لم يسكت يومًا عن حقنا وأرضنا، بل على الرغم مما عاناه من ذلّ. لم يرضَ بالقليل لنا، بل سعى إلى ما هو أكثر من أرض، وإلى أسسٍ جديدة طويلة الأمد هدفها بناء أمةٍ ووطن وشعب طائفته لبنان. بنّاء ولاذع كلامه، واقعي وجريء. لم يشهد زورًا، بل شهد واقعًا، وبالحق وبما قد تسلّم من مسؤوليات تجاه مسيحيته، وبخاصة لبنانيته التي رفعنا رأسنا وأيادينا بها ولها. لم يتستر على أفعالهم. كان بطريركاً عظيماً، وقائدًا وطنياً. تحمّل كل انقسامات المسيحيين، ووضع تحت جناحيه وطنًا قد عانى الكثير، فلم يغب نظره عنه، بل دافع وحارب بوجه الشرق بأكمله لأجله ولأجل مواطنيه كافةً من دون انحيازٍ طائفي كما قد اتُّهِم، لا بل على العكس، سعى إلى التوحيد داخلاً وخارجاً. كاشف المستور، فاضح صفقاتهم، بالرغم من كل التطاولات على شخصه وصرحه. كلامه حازم وقراراته بالوطن وللوطن. لم يساوم علينا ولم يقايض استقلالنا، بل حارب ودافع عنا بإخلاصه ووفائه ونبله. له كل الاحترام… فيا ليته لم يغب عنا… خسرنا من كان أملنا بالحاضر والمستقبل… كل الاحترام لرجلٍ من التاريخ والتاريخ سيشهد على ما خسرنا.