كتابة تيا البارود
مسار مغاير و دقيق رسمته الفنانة نجلاء بدر في أعمالها و أدوارها، أخذت بها إلى دائرة الحياة الواقعيّة لتختار في كل عمل شخصية من الواقع لتجسّد حياتها فجمعت في صفحات كتاب أرشيفها شخصيات عديدة صعبة النسيان تركت أثرا عند الجمهور أتقنت تجسيدهم و إيصالهم بمميّزاتها المختلفة فأصبحت من النجوم الذين يعملون خارج الصندوق بغير المألوف بتجديد دائم و تغيير مستمر و من الوجوه المتنظرة دائما على الشاشات.
لتقلب صفحة جديدة و تبدأ بكتابة معاناة حقيقيّة بأدائها و احترافيّتها في إيصال دوامة المشاعر عبر شخصية نهال في مسلسل “لؤلؤ”، شخصيّة يتحكّمها الهدوء الخارجي و داخلها عواصف من الأحاسيس المتخبّطة و المتقلّبة و هذا ما جسّدته نجلاء خلال تعاملها في المسلسل مع مختلف الشخصيات فاستطاعت الفصل بين جوانب الشخصيّة الداخلية و الخارجية، بين علاقاتها الوطيدة و السطحيّة و بين حبها و كرهها.
تحمل شخصية نهال في ثنياتها انقسام عاطفي و فكري، في حين يبدو أن عقلها قد تغلّب على قلبها في تصرّفاتها إلى أن يظهر مع الوقت أن قلبها هو الحاكم الأساسي و السبب الرئيسي لكل ما تمرّ به من أزمات و كسرات، قد يرى المُشاهِد نهال أنانية و آخر يراها ضحيّة، و هي مقتنعة أنها ضحيّة خطأ تحاول تصحيحه حتى مع فقدانها الأمل لكن لا زالت متشبّثة بالإصرار.
بنقطتين روت نجلاء شخصيّة نهال أوّلها تضحية الأم و ثانيها ثأر أنثى، فنهال هي الأم التي أفنت حياتها في سبيل حماية ابنتها و الحفاظ على سعادتها و أمنها بإبعادها عن الجميع و محاوِلة تجميل حياتها ببعض الأكاذيب، فأغلقت باب حياتها العاطفية الشخصية و حصرتها بها و بابنتها فقط، و فتحت باب الثأر من الماضي لتعوّضه في الحاضر ليستقيم المستقبل فكانت الأنثى الثائرة لماضيها للحفاظ على حياتها التي لم تستطع قبول تدميرها بسبب حب من الماضي و لم تستسغ لوجود غيرها ليملأ مكانها في حياة من تسبّب بتدميرها فبدأت بالإنتقام الذي اعتبرته من حقها.
و هذه هي العواصف التي تجوب داخلها تراوحت بين حب و ندم و خذلان و تفكير بالإنتقام و حقد و نجحت نجلاء في جمعهم جميها بنظرة واحدة مع الثقة لتبرز عدم انكسارها.
ما زالت نجلاء بدر تؤكد خلال أعمالها أن لا حدود للتنويع في الأدوار و تحرص دائما على التركيز على أبسط تفاصيل الشخصيات التي تؤدّيها في الشكل الخارجي لتتماشى مع عمق الشخصية و الشكل النفسي و الداخلي للشخصية و تتعمّق فيه بشكل واسع.