بقلم هبة حنين
بيروت
فصولٌ تمر، فيها الحار والبارد، وفيها المعتدل والمثلج. تمر في الزمن وتطبع سنين حياتنا بكل مراحلها وتقلباتها. أما هذه السنة، ففصولهم، فصول رؤساء بلادنا لم تعد تمر مرور الكرام يا كرام. لم نعد نغرق مفي موجة الكذب، ولم نعد نتماشى مع التيار لمجرد الرضوخ للأمر الواقع بهدف الاستمرار الطوعي. حلمنا بصيفٍ فيه الألوف والعشرين. ألوف السواح وعشرينات الحفلات والمهرجانات. فيه البحبوحة وراحة البال. صيف قد يُعيد لبنان وكم قد لُقّب ب”سويسرا الشرق”، بالسياحة والازدهار والشمس الشارقة معطيةً الدفء والنور في ظل سنين التعتيم. حصدنا فصولًا قاسية، تكبّلت فيها الأيادي، وخُطِفَت منها حريتها، وسُلِبَت أموالها في عهدٍ طال انتظاره للتغيير. ففرصته انتهت، وأتت ورقته خاسرةً، فتماشى مع من سبقوه، وللأسف نسي هدفه الذي أقسم عليه وتغاضى عمّن أوصله وكان فضله عليه. خطاباته باتت فشلًا شل البلاد. محاصصات، صفقات وتلاعبات كلها كُشِفت. ظلال الحق أضاءت دربنا ونور الحرية حرّر أيادينا. فلم نعد مصغيين صامتين إلى مسرحية العهد الفاشلة. فهنا قُلِبت الأدوار في السيناريو، وأصبح المتفرّجون هم الأبطال بالانتفاضة، بكتابة النهاية السعيدة في ظل حلحلة العقدة التي استمرت ثلاثين سنة وفكّها. فزادت أكاذيبهم وأحاديثهم ولقاءاتهم وباتوا في صراعٍ مع الأمواج في بحر الخوف من شعب جائع، غاضب ثائر على مسرحية الثلاثين سنة. شعبٌ سيكتب تاريخه العشريني بالخط العريض إلى الأبد بما سيأتي من خطوات، وبعد فصول طُبِعَت وحُفِرَت من شدة مقاسيها، وغياب من كان سيلعب دور المحاسب بحسب ما قد أقسم عليه. فلا تنسوا يا كرام، أن الشعب هو مصدر السلطات وليست السلطة من تضع نفسها على الخارطة بل “هو” من يضعها ومن يشرّعها بصوته وكلمته. فآن الأوان لهذا. آن الأوان لنكتب تاريخنا بقلم حبره نظيف، وليس كحبرهم كله حبر وكذب على ورق دون جدوى، فلن نتماشى معهم أبداً.
حرية، عز، كرامة، راحة بال، بحبوحة هو عهدنا. عهد الثوّار الذي بأصواتنا ووحدتنا سنبنيه، ونكون ساعين إلى بنائه، وبناء ما هدمه خلال ثلاثين سنة أصحاب العهد القوي.