تيا البارود
جولة في الزمن الجميل بحداثة التقديم، على هذا الأسلوب بدأت كندة علوش رواية فصول شخصيّة “مريم”، عند مشاهدة ومتابعة الدور تراودك عدّة أسئلة وتحاصرك قاعة من الحيرة حول “مريم” جوابها مخرج واحد وهو الإفصاح التجريدي الذي تتّبعه كندة في إسدال ستائر الشخصيّة على مهل الإيقاع.
عادة ما يحمل الممثل للمُشاهِد حالة عامة تدريجيّة عن الشخصيّة التي يقدّمها لكن معادلة “مريم” اختلفت مع كندة علوش فهي تمُثّل وتُعلّق ثباتيا في آن واحد، الحالة في المشهد رفضت تقديمها أحادية النظرة ووسّعت المدار بمحيط من الآراء اللاذعة والمنصفة في حق التصرّف فتستكيد من نفسها في الوقت الذي شجّعت موقفها وذاتها.
سيطرت الرقّة على مواقف “مريم” حتى في شراستها الهشّة واندفاعها القلق وكتمانها المتحدّث بالأفعال فاختزلت ذكائها بها وحظِيَت عاطفتها بمنصب المستشار الأول لتصرّفاتها، فكانت الرّقيب والمراقب لمجمل حياتها بخلق تأثير طقسي كنوع من التعبير لتشاطر الثبات مع حزم قلة الحيلة بحوارات مليئة بالإستثناء الذي يولد التضارب الحسّي بِرهن اشارتها.
ما قدّمته كندة علوش أبعد من ورق النص أقرب لقلم الكتابة، تُمسك بالقلم لتدوِّن شطراً من حياة “مريم” في كل تارة مهتمّة بنبرتها المكمِّلة للموقف ووتيرة حركتها الموازية للزمن المُقدَّم بتعبير عن باطن أفكارها قبل الظاهر، رسمت كندة الحد الفاصل في حياة الشخصيّة بمسطرة مرقّمة بنكران الحقيقة يقابلها تقبّل صعوبتها.
تحقّق كندة علوش خلال الدور انتصارا دراميا مواكب للتغييرات الزمنيّة بدمجها حداثة التقديم بروح وجوهر الزمن المطروح بمرونة اللعب على الحبلين.