نظمت الجمعية الخيرية العمومية الأرمنية (AGBU) بالتعاون مع سفارة أرمينيا لدى لبنان لقاء استذكار لمصمّم الأزياء اللبناني الأرمنيّ الراحل ورائد تصميم الأزياء المسرحية والفنيّة في لبنان جان بيار دليفير، بعد 20 عاماً من وفاته، شارك فيها عدد من المسرحيين الكبار الذين عاصروه وتعاونوا معه في أعمال على الخشبة، وأقيم في مقر الجمعية في “سنتر دمرجيان”- ضبيّه.
وشكر سفير أرمينيا سامويل مكردشيان AGBU والمشاركين، مشيراً إلى أن اختيار جان بيار دليفير موضوعاً لهذا اللقاء “جاء في مناسبة الاحتفال بشهر الفرنكوفونية في لبنان ولكون أرمينيا ستستضيف القمّة الفرنكوفونيّة في تشرين الأوّل المقبل”. ولاحظّ أن دليفير “ترك إرثاً مميّزاً وساهَمَ في التقريب بين مختلف ثقافات الدول الفرنكوفونيّة”.
وأسفت المديرة التنفيذية للجمعية في لبنان أنيتّا لبيار لِكَون دليفير واحداً من “فنّانين كثر لم يأخذوا حقّهم في لبنان”، مشددةً على ضرورة “الحرص على الأمجاد التي يتركها الفنّانون”.
وألقى سيروب دليفير، شقيق الراحل، كلمة العائلة، فشكر AGBU والفنّانين الذين شاركوا في حفل التكريم.
جيرار أفيديسيان
ورأى المخرج جيرار أفيديسيان أن دليفير “غيّر الرؤية في المسرح اللبناني بعد السبعينات”. ولاحظ أن “كثيرين غيّروا في الإخراج والكتابة والتمثيل، ولكن في تصميم الملابس خلق جان بيار دليفير شيئاً استثنائياً وأعطى لكل مسرحيّة هويّتها”.
وروى أفيديسيان كيف تعرّف على دليفير عام 1969 وأدخله إلى عالم تصميم الأزياء المسرحية، هو الآتي من عالم الـ”هوت كوتور” في أبرز دور الأزياء في فرنسا وتحديداً “ديور”. وأشار إلى أن مشاركة دليفير في مسرحية الأخوين رحباني “ناس من ورق” أطلقته “ليس فقط في لبنان إنّما في العالم العربي، نظراً إلى ضخامة هذا العمل وشعبيّته”، ملاحظاً أن دليفير”حوّل السيدة فيروز في هذا العمل إلى diva بكل ما للكلمة من معنى”. وأضاف: “في خمس سنوات عمل فيها على نحو ثماني مسرحيّات، أثبت دليفير رؤية فنيّة جديدة للمسرح اللبناني مختلفة عن الكتابة والإخراج والموسيقى والغناء، ساهم من خلالها في تجميل المسرح”. وذكّر بأن المخرج الأميركي الكبير مارتن سكورسيزي استعان بدليفير في فيلمه “الإغراء الأخير للسيد المسيح” بنصيحة من المخرج المصري الراحل يوسف شاهين.
روجيه عسّاف
وقال المخرج والممثل روجيه عسّاف إنه اكتشف من خلال دليفير أن “تصميم الأزياء المسرحية فنّ في ذاته”. وقال: “كان تصميمه أشبه بلغة وشيفرة لا بل بقصيدة”. ووصف أعماله بأنها “فن شعري”، و”لوحة فيها جمال سهل ممتنع”.
وأشار إلى أنه “كان رجل ثقافة وإنسانياً وصديقاً لكل من عرفه، وكان يعشق بيروت وبعلبك وتعلّق بهما”.
غدي الرحباني
وقال المؤلّف الموسيقي والكاتِب المَسرَحي غدي الرحباني: “يمكننا أن نؤرّخ للأزياء المسرحية قبل جان بيار دليفير وبعده، فقبله كانت لجنة مهرجانات بعلبك تؤمّن الملابس، أي لم يكن ثمة مصمّم أزياء بالمعنى الحقيقي على غرار مصمّم الرقص أو مهندس الصوت، لكنّ التحوّل حصل من خلال مسرحية ناس من ورق”.
ولاحظ أن دليفير “كان دقيقاً جداً في عمله، وكانت له رؤية في كل أعماله”. ورأى أن دليفير “غيّر المسرح اللبناني بريشته وألوانه وأزيائه ، وطَبَع مرحلة مهمّة منه وحتى من المسرح العالمي”. وأضاف: “لدينا في لبنان نقص كبير في تصميم الملابس وخسارته كانت كبيرة جداً”.
جان لوي مانغي
وتحدّث مهندس الديكور العالمي جان لوي مانغي، فرأى أن دليفير “عرف كيف يحوّل اللباس من شيء إلى شيء آخر مختلف تماماً”. وأضاف “لم يكن فقط مصمّم أزياء مسرحية لامعاً، بل كان أيضاً مصمّم أزياء كبيراً على المستوى العالمي”. ولاحظ أن الراحل “كان رائداً وسابقاُ لزمانه، والواقعيّة التي في تصاميمه هي إبنة اليوم وهي حتى إبنة المستقبل”. وتابع: “ما جمعني به طوال سنوات كان الفرح في محاولة الاختراع، والشاعرية كانت موجودة في كل لحظة من إبداعه”.
نضال الأشقر
أما الكاتبة والمخرجة والممثلة المسرحية نضال الأشقر فوصفت دليفير بأنه كان “حالة شعريّة جماليّة”، واسفت لكون الدولة اللبنانية “لم تجمع أعماله المنتشرة في كل أنحاء العالم”. وأشارت إلى أن “عدداً كبيراً من تصاميمه أخذتها الحرب ولكن بقيت صورها وهي كثيرة، من مختلف المسرحيّات التي شهق لها الناس”.
وأضافت: “حتى اليوم لم يعرفوا جان بيار دليفير في لبنان وإلا لأقاموا له أكبر تكريم كفنّان لبناني أرمني حمل معه هذه الروح من أرمينيا التي أحبها كثيراً”.
حنان الحاج علي
وفي كلمة مسجلة بالفيديو، روت الممثلة المسرحية حنان الحاج علي أن أزياء دليفير في مسرحيّة “آه يا غضنفر” لجيرار أفيديسيان مع أنطوان كرباج “كانت الأجمل في تاريخ المسرح اللبناني والعربي”. ورأت أنه “كان يتمتّع بإبداع كامل متكامل وأعماله تكاد تصل إلى أعلى مستويات الكمال”. وأضافت: “ما رأيته في هذه المسرحية عمل متقن ومتكامل ودقيق الصنع، وتنفيذه يجمع خبرات نادراً ما تجتمع لدى مصمّم أزياء”.