كتابة تيا البارود
دائما ما تقدّم الفنّانة صبا مبارك محتوى مختلف في أعمالها و مُفاجئ للمتلقّي و المُشاهد و ذلك ناجم عن ذكاء اختياراتها فتكسب الرهان في كل تجربة تمثيليّة تخوضها و تكون السهم الصائب للنجاح مباشرة و عبر رصيد فني يغتني بالشخصيّات المتعدّدة و المختلفة صقلته بالموهبة و الإحترافيّة و مع كل شخصيّة تطل بها تخطف الأنظار و تتركها بصمة مهمة في تاريخ الدراما.
و مع مكتبة شخصياتها المميّزة أضافت صبا مبارك شخصيّة “دانا” من مسلسل نمرة تنين حكاية “الناحية الثانية”، عمل متكامل من جميع النواحي ارتكز على قوّته و استوحائه من أرض الواقع مما جعله قريب من المُشاهِد و بسيط من ناحية الفهم و استيعاب معانيه و مضمونه الغني و استكملت براعة العمل بوجود صبا مبارك لتضع عليه علامة صح بالخط العريض.
جسّدت صبا شخصيّة دانا و هي المحرّك الأساسي للقصة و أحداثها و استطاعت بطباعها تحويل المحور السلبي إلى الإيجابي فكسرت الفكرة المعتادة و المألوفة بأدائها التلقائي المجبول بالتمكّن في السيطرة على كل حركة و ردّة فعل تقوم بها ببساطة من دون إظهار المجهود المبذول على أدائها و خلف الأداء السلس العبقري تقمّصت الشخصيّة بجميع جوانبها الخارجية و الداخلية، النفسية و الإجتماعية و سيطرت عليها بروحها.
فَدانا شخصيّة عنوان حياتها الحرية و الجنون تعريف لهويّتها و اتخذت من مسار حياتها هويّتها الجنونية التي ارتاحت بالتصرّف فيها و تملّكت حياتها لها جعلت كل تفاصيلها من أجلها و من أجل سعادتها و ارتياحها و لها مبادئها الخاصة فتخطو خطواتها حسبانا لما يريح ضميرها و يُشعرها بالفرح و الرضا رافضة لشعور الندم إلى جانب رفضها الإلتزامات و التي تجبرها على الخضوع لشيء معيّن و يظهر هذا من خلال حديثها و طلاقتها في الكلام التي عبّرت من خلالها عن الحب بذكاء، كما كان لتحكّمها بنظراتها وقع كبير على العمل حيث جمعت خلال نظرة واحدة بين الإعجاب و القوّة و الجرأة، و بقوّة شخصيّتها لا ترضى بتغيير أي شيء فيها و ذلك بسبب تصالحها الكامل مع ذاتها و الحياة.
و بالرّغم من علاقاتها الشخصيّة و الصداقات الكثيرة كونها شخصيّة اجتماعية إلا أنّها متحرّرة من العلاقات العاطفيّة و لها وجهة نظر سلبيّة تخص هذا الموضوع تطرحه في سياق الأحداث فهي تعتبر أن طريق هذه العلاقات مسدود و يحوِّل الحب إلى عدمه و يجرِّده و ذلك بسبب تجربة سابقة فشلت بسبب عدم تقبّل زوجها طريقة تعاطيها مع الحياة بالجنون الذي تمتلكه و اعتبرت أن فرض أحد الأطراف التغيير يصبح عبئ صعب التحمّل.
حياة دانا قد تختلف فيها الأراء بتحريرها القيود الحياتيّة التي قد يضع البعض حدود لها لكن مع إضافتها للوعي الفكري في التعامل مع الحياة و معرفة قيادة الحياة بقيودها أو عدمه يجعل منطق حياتها ثابت و صحيح، فالوعي و التفكير الناضج في سلبيات و ايجابيّات الخطوات يجعل من الخطوة تتحرّك إلى الناحية الصحيحة و هذا ما جسّدته صبا عبر شخصيّة دانا بتفكيرها و جرأتها و وعيها.
