كتابة تيا البارود
في الفنون التمثيليّة دائما هناك مراحل تدريجيّة و أصعبها هي الشخصيّات المركّبة و المعقّدة التي تحتاج إلى طاقة و جهد كبيرين بجانب الموهبة الكبيرة و الواسعة لذا يصعُب على أي ممثّل تأديتها و في حين طرح شخصيّة معقّدة فأوّل اسم يتم ترشيحه و طرحه هو روجينا.
أثبتت الفنّانة روجينا خلال أعمال كثيرة منذ بداياتها انها مؤهلة لتأدية الشخصيّات الصعبة ذات التركيب المتعدّد و تحتوي على بحر واسع من التعبيرات و الإيماءات و أجادتها روجينا جميعها بدقّة مثل شخصية جومانا في مسلسل كلام على ورق ، شخصية مايا من مسلسل ضد مجهول و الكثير أيضا حيث يصعب تعدادها و آخرها كان في الموسم الرمضاني شخصيّة فدوى الفريدة في مسلسل البرنس، و أطلّت روجينا خلال هذه السنة على الجمهور بشخصيّتين متباعدتين كل البعد يشتركان عند نقطة واحدة و هي الصعوبة.
و أكّدت روجينا من جديد براعتها في تقمُّص الشخصيّات المركّبة عبر “إسود فاتح” بشخصيّة نجلاء سعد الإعلاميّة المهتمّة بعملها و تملِك شغف كبير اتجاه مهنتها فصنعت اسمها و أصبح مهم في الشاشات لكنّها تفتقد للمسؤوليّة اتجاه حياتها لما يجعلها تتشتّت في تنظيمها لأمور عديدة بسبب زلّات تقع فيها تُسبّب لها ردم فيما بنَته طوال سنين في الجانب المهني و من الجانب الشخصي فتخسر أعز صديقة بسبب تهوّرها و عدم تفكيرها في النتائج مسبقاً و تُكسر الثقة بينها و بين الكثيرين أوّلهم زوجها ثم متابعين برنامجها و جميع المحطّات التلفزيونية فَبات من الصعب انضمامها لأي منهم لكي تعيد احياء ما هُدِم بسبب غلطتها و انتشارها علنا و كل هذا بعد سلوكها طريق الخيانة.
حين المُشاهدة في البداية تجِد نجلاء سعد مُحاطة بعالمها و مبادئها الخاصة التي تحاول فرضها على من حولها ففي كل غلط ترتكبه تخلُق له تبريرات و أعذار كي تُقنع ذاتها أنها في الطريق السليم فتصبح تُحاسب الناس على ردّات فعلهم و تنسى فعلها الأسبق و مع الوقت تبدأ بتحويل أغلب علاقاتها إلى عداوة ليبادلها الطرف الاخر ذات الشعور و تكون هي ضحيّة هذه العداوة دوما لأنها في كل خطوة اصلاحيّة تخطوها لتصلح ما مضى تجد من يُعاديها و يُفسد عليها فلا يحالفها الحظ في اعادة بناء حياتها كالسابق المعهود.
شخصيّة نجلاء ليست بالسّطحية بتاتاً بل تملك مسارات عميقة استطاعت روجينا ابرازها بوضوح و وصلت الخيوط المعقّدة لأعماق الشخصيّة إلى عين و عقل المُشاهِد ليفهمها بسلاسة من خلال أدائها التي تتحكّم فيه بقدر كبير من السرعة فتُغيّر ملامحها من حزن إلى غضب ثم استفزاز في مشهد واحد فقط، إضافة إلى ميّزات عدّة اغتنت بهم هذه الشخصيّة مثل توتّرها المُفاجئ و اعتمادها حركة تؤدّيها فور شعورها بالتوتّر كما رسمت فوارق لشعور الجمهور اتجاهها ففي بعض المواقف يتأثر بسبب ما يحصل معها و الأخرى يُستفز من لؤمها و يميل لكرهها و تحمِل أسرار كبيرة يتم اكتشافها مع مرور الأحداث.
