يُعرف لبنان بتنوّعه وحبّه للحياة. ولا تزال خبايا شوارعه تنضح بتاريخه الغني… والمظلم في بعض الأحيان. بمئتي صفحة، يصوّر كتاب “Drawing Lines” مجموعة من الهويات المفقودة ومقتطفات من الأعمال الفنية لعشرات فناني الغرافيتي المنتشرين في أزقّة بيروت. وقد تمّ إطلاق كتاب “Drawing Lines” الذي طال انتظاره أمام حشد كبير في “بيت بيروت”، ذلك المكان الرمزي الذي يحمل ذاكرة ماض بعيد شوّهته الحرب الأهليّة.
تروي كلّ صفحة من كتاب “Drawing Lines” قصّة مختلفة من خلال صور مبهرة لفنّ الشارع في بيروت ومعها تعليق مؤثّر يطرح إشكالية الهوية اللبنانية المفقودة. يضمّ الكتاب أعمال لعدد من الفنانين الذين تزيّن أعمالهم مختلف شوارع وزوايا العاصمة مثل أشكمان ويزن حلواني وسعيد محمود وكريم تامرجي وفيش وبنوا دبانة. وتأخذ مؤلفة ومنتجة الكتاب تمارا زنتوت القارئ في رحلة لولبيّة إلى جوهر الهوية اللبنانية.
كمواطنين في بلد يعجّ بالأسرار والروايات، نجد أنفسنا عاجزين عن تحديد هويتنا بوضوح، إذ نعيش في خليط من الثقافات والايديولوجيات والخلفيات المختلفة. لذلك، سعت مؤلفة الكتاب تمارا زنتوت الذي ترعرعت في مدينة لندن إلى تحديد هويتها وفهم تعلّقها بالثقافة اللبنانية أو على الأقلّ الثقافة الوطنية التي يتمّ تصوريها بشكل رومنسي ومثاليّ، والتناقضات التي تمثلّها العودة للانخراط بالمجتمع اللبنانيّ. ويتمثّل التحدي باعتماد منهج التمعّن في فنّ الشارع مع الحفاظ على ازدواجيّة القارئ والإبقاء على تموضعه المنفصل. فالكتاب عبارة عن محاولة لفهم كيفية قيام الفنانين اللبنانيين والأجانب بترجمة الهويّة اللبنانية من خلال أعمالهم.
تقول زنتوت: “لقد رأيت الهويّة اللبنانية في أعينهم واكتشفت في نهاية المطاف وجهات النظر المختلفة، وفي كل وجهة نظر، رأيت عددًا من الهويات المختلطة والمتشابكة. فكلما توسّعت نظرة اللبنانيّ إلى هويّته، كلما ازداد مستوى تقبلّه لشركائه في الوطن. ففي بلدٍ تسيطر عليه القوى الخارجية حيث يتمّ جرّ شعبه مكرهًا إلى أتون الفتن، يجب علينا جميعًأ فتح أعيننا جيّدًا ووضع أنفسنا مكان الآخرين. بالمختصر المفيد، يمثّل الكتاب البحث المستمر عن وحدة شعب وارتقائه عن الخلافات، كما يدعو إلى ثورة داخلية على الأفكار المتحجّرة التي ابتليت بها مجتمعاتنا”.
وبمناسبة إطلاق كتاب “Drawing Lines”، اجتمع مئات الزوار في بيت بيروت حيث عُرضت مختلف الأعمال الفنية من تركبيات ملوّنة وصور ولوحات لمختلف الفنانين مثل ساندرا خير صهيون وبنوا دبانة وأشكمان وكريم تامرجي بالإضافة إلى المصورين برنار خليل وجاد غريب، ما شكّل مفارقة صارخة مع جدران بيت بيروت المتصدّعة والمدروزة بطلقات أعيرة نارية تشهد على زمن غابر.
كما تمّ عرض فيلم قصير على حائط قد نهشه الرصاص في غرفة مجاورة لتعمّ الأجواء أصوات الحنين وطلقات الأعيرة النارية. إنّ الفيلم القصير الذي أخرجته نادين مراد و ووضع موسيقته كلّ من إيدي جزرا وتمارا زنتوت أعطى حياةً لكتاب “Drawing Lines” من خلال سرده لروحيّته ومراحل العمل على إنجازه.
كتاب “Drawing Lines” متوفّر في مكتبة فيرجن ومكتبة أنطوان والمكتبات الصغيرة وعلى موقع www.theurbanfusion.com وسيتمّ إطلاقه في العالم قريبًا.